إعالة المتوفى لزوجته وأولاده

إعالة المتوفى لزوجته وأولاده في حياته هي الأصل الظاهر بحسب العرف والعادة والشرع

إعالة المتوفى لزوجته وأولاده في حياته هي الأصل الظاهر بحسب العرف والعادة والشرع وعلى من يدعى خلاف هذا الأصل عبء إثبات ان المتوفى لا يعولهم

 

أكدت محكمة تمييز دبي في حكمها الصادر بجلسة 8/6/2020 على انه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان الضرر المادي الذي يستوجب التعويض هو الإخلال بمصلحة مالية للمضرور، وانه يتعين للقضاء لورثة المتوفى بالتعويض عن هذا الضرر المادي ان يثبت ان المتوفى كان يعولهم قبل وفاته، إلا انه من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة ان إعالة المتوفى لزوجته وأولاده في حياته هي الأصل الظاهر بحسب العرف والعاده والشرع، وعلى من يدعى خلاف هذا الأصل عبء إثبات ان المتوفى لا يعولهم، ومن المقرر ان الضرر المادي الذي يستوجب التعويض هو الإخلال بمصلحة ماليه للمضرور، وان النص في المادة 299 من قانون المعاملات المدنية مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ان المحظور في حكم هذا النص هو الجمع بين الدية أو الارش وبين التعويض عن الضرر المادي الذي يلحق بشخص المضرور نتيجة الإيذاء الواقع على نفسه وينتقل إلى ورثته بوفاته وأما التعويض الذي يستحق للورثة مادياً كان أو أدبياً نتيجة ما أصاب أشخاصهم من اضرار بسبب وفاة مورثهم فانه يخرج عن نطاق التعويض الذي عناه المشرع بحظر الجمع بينه وبين الدية أو الارش، ذلك ان الضمان وفق ما تقضي به المادتان 292، 293 من قانون المعاملات المدنية يقدر في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب متى كان نتيجة طبيعية للفعل الضار، كما يقضي بالضمان للأزواج والأقارب من الأسرة عما يصبهم من ضرر أدبي بسبب موت مورثهم، ومن المقرر ان استخلاص عناصر الضرر وتقدير قيمة التعويض الجابر له- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع مادامت انها قد بينت هذه العناصر ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها وأقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق.

وبناء على ذلك انتهت محكمة التمييز الى الثابت للمحكمة من واقع أوراق الدعوى أن مورث المستأنفين بحسب الاصل الظاهر وفقا للعرف والعادة هو العائل لزوجته المستأنفة الثالثة وولديه القاصرين المشمولين بولاية جدهما المستأنف الأول بصفته، كما أن المحكمة تساير محكمة أول درجة فيما اطمأنت اليه من أقوال شاهدي المستأنفين الأول والثانية من أن نجلهما المتوفي هو العائل لهما والمنفق عليهما بصورة دائمة ومستمرة، وبوفاته قد أصاب المستأنفين جميعا أضرار مادية تمثلت في فقدانهم القائم على شئون حياتهم ومصدر دخلهم وما تتطلبه ضروريات الحياة من أعباء معيشية وفوات فرصتهم في رعايته لهم مستقبلا ، كما اصابهم أضرار أدبية تمثلت في حزنهم وشعورهم بالأسى والحسرة ولوعـة لفقدان الاب والابن والزوج وحرمان الولدين القاصرين من عطف وحنان الأبوة ، ومن ثم فإن المحكمة ترى أنه كي يكون التعويض ملائما ومناسبا لما نزل بالمستأنفين جميعا من اضرار مادية وادبية فانها تقدر مبلغ 50.000 درهم كتعويض عن الاضرار المادية والادبية لوالدي المتوفي- المستأنفين الأول والثانية – يوزع بالتساوي فيما بينهما كما تقدر لزوجة المتوفي – المستأنفة الثالثة – وولديها القاصرين المشمولين بولاية جدهما المستأنف الأول مبلغ مقداره 150.000 درهم كتعويض عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية يوزع بالتساوي فيما بينها وبين وولديها القاصرين وتعتبر المحكمة هذا التقدير كافيا وجابراً لكافة ما لحق المستأنفين جميعا من اضرار مادية وأدبية جراء وفاة مورثهم ، بما لازمه تعديل الحكم المستأنف في هذا الخصوص مع تأييده في شأن ما قضي به من مبلغ 200.000 درهم كدية الشرعية ليكون اجمالي مبلغ التعويض المقضي به للمستأنفين جمعيا مبلغ مقداره 400.000 درهم للمستأنفين يوزع فيما بينهم وفقا لما سلف، ولا ينال من هذ القضاء ما أثارته المستأنفة من أن القضاء بالدية يكفي لجبر ما لحق المستأنف ضدهم من اضرار إذ لا يوجد ما يمنع من تقدير التعويض بقدر ما لحق المضرور (ورثه المتوفي) من ضرر وما فاته من كسب بما يجاوز حدود الدية أو الارش، كما لا ينال من ذلك أيضا ما اثارته من أن الحكم قضي بالتعويض عن الضرر المادي دون دليل عليه إذ أن زوجة المتوفي وولديه القاصرين قد فقدوا معيلهم ومصدر رزقهم وهو ما ألحق بهم ضرراً واستحقوا التعويض عنه دون حاجة لتكليفهم بإثباته لأن إعالة المتوفي لزوجته ولأولاده القصر حال حياته هي الأصل الظاهر حسب العرف والعادة وعلي من يدعي خلاف هذا الأصل عبء إثبات أن المتوفي لا يعولهم ، كما أن الثابت بأقوال الشاهدين أنه كان العائل لوالديه -المستأنفين الأول والثانية – علي نحو دائم ومستقر وحيث عما تمسكت به المستأنفة تقابلا من خطأ الحكم المستأنف حين قضي بإلزامها بمبلغ مائتي ألف درهم قيمة الدية الشرعية رغم سبق القضاء به في الدعوى الجزائية فانه لما كان من المقرر – في قضاء محكمة التمييز- ان سبق القضاء بإلزام قائد السيارة المتسببة في حادث الوفاة في الدعوى الجزائية بقيمة الدية الشرعية لا يمنع من التزام شركة التأمين المؤمنة على السيارة المذكورة بأن تؤدى لورثة المتوفى ذات مبلغ الدية المحكوم به جزائيا وذلك وفقا لما يقضى به القرار الوزاري الصادر بتوحيد وثائق التأمين على السيارات في البند الأول من الأخطار المغطاة في وثيقة التأمين ضد المسئولية المدنية وإذا لم يثبت استيفاء ورثة المتوفى للدية الشرعية المستحقة لهم من المحكوم عليه سائق السيارة المتسببة في حادث الوفاة مرتكب الفعل الضار فإنه لا يترتب عليه إبراء ذمة شركة التأمين المؤمن لديها، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الصادر في الدعوى الجزائية رقم 1787 لسنة 2017 وإن كان قد قضى بإلزام قائد السيارة المتسببة بحادث وفاة مورث المستأنف ضدهم والمؤمن عليها لدي الشركة المستأنفة تقابلا لتسببه بخطئه في وفاة المورث وكانت الأوراق قد خلت مما يدل علي استلام المستأنف ضدهم لهذا المبلغ مما لا يترتب عليه إبراء ذمة شركة التأمين المستأنفة تقابلا وإذ قضى الحكم المستأنف بإلزام الأخيرة بأداء مبلغ الدية الشرعية إلى ورثة المتوفى (المستأنف ضدهم) فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحي النعي عليه في هذا الخصوص علي غير أساس.

 

المحامي / محمد المرزوقي
مكتب محمد المرزوقي للمحاماة والاستشارات القانونية
دبي – ابوظبي – الامارات

مقالات ذات صلة