شروط تنفيذ الأحكام والأوامر


شروط تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي في دولة الإمارات مكتب محمد المرزوقي للمحاماة واتساب: 00971555570005

 

شروط تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي في دولة الإمارات

 

إن اعتراف الدولة بالحكم الصادر من بلد أجنبي يجعل منه حكما عابرا للحدود، صلاحيته غير محدودة التطبيق في البلد الذي صدر فيه الحكم، وقد كان الاعتراف بالأحكام الأجنبية مطلبا مستحقا للأشخاص والشركات التي تطلبت أعمالها واستثماراتها أن تكون الحماية المقدمة لها بموجب حكم أجنبي غير محدودة ومقتصرة على حدود الدولة التي أصدرت محاكمها هذا الحكم ، وذلك تلبية لحاجات عالم متسارع نمت فيه التجارة الحرة ين البلدان وتطورت وسائل النقل والاتصالات وزادت سهولة حركة الأموال.

وفي دولة الإمارات أجاز المشرع تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي في دولة الإمارات ، وقد عبر عن ذلك صراحة في نص الفقرة الأولى من المادة 235 من قانون الإجراءات المدنية ، والتي قالت :
الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها في دولة الإمارات العربية المتحدة بذات الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في الدولة.

إلا أن هناك شروطا تطلب المشرع توافرها لتنفيذ الأحكام الصادرة في بلد أجنبي ، وقد بينت هذه الشروط الفقرة الثانية من المادة 235، وهذه الشروط هي:

أولا- أن تكون محاكم الدولة غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر ، وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها:
منع هذا الشرط على القاضي الأمر بتنفيذ الحكم المتعلق بنزاع داخل ضمن اختصاص محاكم الدولة ، وهو الشق الأول من الشرط ، أما الشق الثاني فهو أن تكون المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها.

 

ثانيا – أن يكون الحكم أو الأمر صادرا من محكمة مختصة وفقاً لقانون البلد الذي صدر فيه:
الشرط الثاني الذي تطلبه المشرع من القاضي ليجيز له الأمر بتنفيذ الحكم أو الأمر الصادر في بلد أجنبي هو اختصاص المحكمة الأجنبية وفقا لقانون البلد الذي صدرت فيه ، فلو كانت المحكمة التي أصدرت الحكم مختصة طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي ، لكنها غير مختصة وفقا للقانون المحلي المعمول به في البلد الأجنبي ، فإن محاكم الدولة يمنع عليها الأمر بتنفيذ هذا الحكم الأجنبي.

 

ثالثا – أن يكون الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم الأجنبي قد كلفوا بالحضور، ومثلوا تمثيلاً صحيحاً:

يأتي هذا الشرط نتيجة حرص المشرع الإماراتي على التأكد من سلامة الإجراءات المتبعة في سير الدعوى التي صدر فيها الحكم الأجنبي، ومنها تمثيل الخصوم بشكل صحيح وحصول المدعى عليه على حقه في الدفاع في القضية المتنازع فيها ، فإذا لم يكن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم الأجنبي قد كلفوا بالحضور ، فالدعوى وفقا لقانون دولة الإمارات غير صحيحة، وعليه لا يجوز للقاضي في هذه الحالة الأمر بتنفيذ الحكم أو الأمر الصادر من البلد الأجنبي.

 

رابعا – أن يكون الحكم أو الأمر حائزا قوة الأمر المقضي طبقاً لقانون المحكمة التي أصدرته:
المقصود هنا أن يكون الحكم الأجنبي المراد تنفيذه نهائيا وفقا لقانون المحكمة التي أصدرته، فبغير ذلك لا يمكن تنفيذه في دولة الإمارات ، فالمطلوب أن يكون الحكم قطعيا غير وقتي وغير قابل للإلغاء أو التعديل.

 

خامسا – أنه لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محكمة بالدولة ولا يتضمن ما يخالف الآداب أو النظام العام فيها:
هذا الشرط يتكفل بالحفاظ على قوة الأحكام والأوامر الإماراتية وخصوصيتها وسيادتها على أراضي الدولة، فإن خالف الحكم الأجنبي أي حكم أو أمر سبق صدوره من محكمة بالدولة ، تعذر عندها تنفيذه ، لأنه يتعارض مع النظام العام فيها ، وكذلك الأمر فيما لو تضمن الحكم ما يخالف الآداب العامة في الإمارات كالأحكام المتعلقة بلعب القمار.

 

وبهذا نكون قد عددنا خمسة شروط تطلبها المشرع في الحكم الأجنبي ليجيز للقاضي الأمر بتنفيذه في دولة الإمارات ، بحيث لو تخلف أحد هذه الشرط مع استيفاء البقية تعذر تنفيذه في الدولة ، إلا أن النقطة الأبرز والتي لا بد من التنويه لها ، هي أنه في حال وجود معاهدة مبرمة بين دولة الإمارات ودولة أخرى ، فإن أحكام المعاهدة تكون نافذة وواجبة التطبيق حتى لو خالفت ما تم ذكره من شروط ، وهذا ما جاء صريحا في نص المادة 238 من قانون الإجراءات المدنية ، والتي قالت :

لا تخل القواعد المنصوص عليها في المواد السابقة بأحكام المعاهدات بين الدولة وبين غيرها من الدول في هذا الشأن.

وأعادت تأكيده القاعدة الصادرة سنة 2015 حقوق ، التي تضمنها حكم محكمة التمييز – دبي بتاريخ 28-01-2015 في الطعن رقم 2014 / 33 طعن مدني حيث جاء :

إن أحكام المعاهدات بين دولة الامارات وبين غيرها من الدول الأجنبية أو الاتفاقيات الدولية المصدق عليها تكون هي الواجبة التطبيق في شأن تنفيذ أحكام المحاكم الأجنبية ولو لم تتوافر الشروط الوارد ذكرها في الفصل الرابع المشار إليه.

ويعني ذلك أن المشرع حدد شروطا لازمة في الحكم أو الأمر الأجنبي حتى يتم تنفيذه في دولة الإمارات ، وذلك في حال عدم وجود اتفاقية أو معاهدة بين الإمارات والبلد الذي صدر فيه الحكم الأجنبي ، أما في حال وجود هكذا اتفاقية فإن بنود الاتفاقية هي التي تنفذ ، حتى ولو كانت مخالفة لهذي الشروط .

 

المحامي / محمد المرزوقي
مكتب محمد المرزوقي للمحاماة والاستشارات القانونية
دبي – ابوظبي – الامارات

مقالات ذات صلة