بحث حول مدة عدم سماع الدعاوى ضد الناقل البري – قانون الإمارات العربية المتحدة
بحث حول مدة عدم سماع الدعاوى ضد الناقل البري
تنص المادة 321 من قانون المعاملات التجارية على ان:
“”لا تسمع عند الانكار وعدم العذر الشرعي:
1 – الدعاوى المقامة على الناقل بسبب التأخير أو الهلاك أو التلف الناشئة عن عقد نقل الاشياء بمرور ستة أشهر بالنسبة للنقل داخل الدولة وسنة بالنسبة للنقل الخارجي وذلك من تاريخ تسليم الشيء الى المرسل اليه أو الى الجمرك أو الى الأمين الذي عينته المحكمة لإيداع الشيء لديه، وفي حالة الهلاك الكلي للشيء محل النقل تبدأ المدة من انقضاء الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 304.
2 – دعوى الناقل بالرجوع على الناقلين المتعاقبين طبقا للفقرة الثانية من المادة 318 بمرور ستين يوما من تاريخ وفاء التعويض أو من تاريخ المطالبة به رسميا.”
والبين من النص المذكور تحديده خمس أنواع من الدعاوي التي ترفع على الناقل البري، وقد حدد لكل منها مدة مختلفة لعدم سماع الدعوى، وهذا الاختلاف اما ان يكون في مدة عدم سماع الدعوى ذاتها او في طريقة حسابها، وهو ما سنوضحه بالتفصيل في النقاط التالية:
الدعوى الاولي: وهي الدعوى المقامة على الناقل البري الناشئة عن عقد النقل الداخلي بسبب تأخره في تسليم الأشياء او تلفها او هلاكها بشكل جزئي، ومدة عدم سماعها ستة أشهر تبدأ من تاريخ تسليم الشيء الى المرسل اليه أو الى الجمرك أو الى الأمين الذي عينته المحكمة لإيداع الشيء لديه.
وجدير بالذكر ان النص وان لم ينعت التلف او الهلاك بالنسبة لهذه الدعوى بانه هلاك جزئي، الا ان ذلك يستفاد ضمنا من سياق النص، ونستدل على ذلك بدليلين؛ الدليل الأول حساب المشرع لمدة عدم سماع الدعوى في هذه الحالة من تاريخ تسليم الشيء، فاذا كان المشرع يقصد ان الهلاك في هذا السياق يشمل الهلاك الكلي ايضا، فكيف سيتم اذا حساب مدة عدم سماع الدعوى من تاريخ التسليم وقد هلك الشيء كليا، فلا تسليم في حالة الهلاك الكلي، الدليل الثاني: ان المشرع قد عالج حالة الهلاك الكلي بحكم مختلف بالنسبة لكيفية حساب مدة عدم السماع، وهو ما نص عليه ونعت فيه الهلاك بانه كلي صراحة في نهاية الفقرة الاولي من المادة المذكورة.
الدعوى الثانية: وهي الدعوى المقامة على الناقل البري الناشئة عن عقد النقل الخارجي بسبب تأخره في تسليم الأشياء او تلفها او هلاكها بشكل جزئي، ومدة عدم سماعها سنة تبدأ من تاريخ تسليم الشيء الى المرسل اليه أو الى الجمرك أو الى الأمين الذي عينته المحكمة لإيداع الشيء لديه.
الدعوى الثالثة: وهي الدعوى المقامة على الناقل البري الناشئة عن عقد النقل الداخلي بسبب الهلاك الكلي للأشياء، ومدة عدم سماعها ستة أشهر تبدأ من انقضاء الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 304.
وبالرجوع الى نص الفقرة الثانية من المادة 304 نجد انها اضافت لمدة الستة أشهر ثلاثين يوما حيث نصت على ان:
“ويعتبر الشيء في حكم الهالك كليا إذا لم يسلمه الناقل أو لم يخطر المرسل اليه بالحضور لتسلمه خلال ثلاثين يوما من انقضاء الميعاد المعين للتسليم أو من انقضاء الميعاد الذي يستغرقه الناقل العادي في النقل لو وجد في الظروف ذاتها إذا لم يعين ميعادا للتسليم.”
ومعني ذلك ان مدة عدم سماع الدعوى المقامة على الناقل في هذه الحالة هي سبعة أشهر تبدأ من اليوم التالي لليوم المحدد لتسليم الأشياء ان كان معيناً او من اليوم التالي لانقضاء الميعاد الذي يستغرقه الناقل العادي في النقل لو وجد في الظروف ذاتها إذا لم يعين ميعادا للتسليم.
الدعوى الرابعة: وهي الدعوى المقامة على الناقل البري الناشئة عن عقد النقل الخارجي بسبب الهلاك الكلي للأشياء، ومدة عدم سماعها سنة تبدأ من انقضاء الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 304.
ومعني ذلك – وتأسيسا على الأسباب الموضحة بالدعوى الثالثة – ان مدة عدم سماع الدعوى المقامة على الناقل في هذه الحالة هي ثلاثة عشر شهر تبدأ من اليوم التالي لليوم المحدد لتسليم الأشياء ان كان معيناً او من اليوم التالي لانقضاء الميعاد الذي يستغرقه الناقل العادي في النقل لو وجد في الظروف ذاتها إذا لم يعين ميعادا للتسليم.
الدعوى الخامسة: دعوى الناقل بالرجوع على الناقلين المتعاقبين طبقا للفقرة الثانية من المادة 318، ومدة عدم سماعها ستين يوما من تاريخ وفاء التعويض أو من تاريخ المطالبة به رسميا.
وبالرجوع الى للفقرة الثانية من المادة 318 نجد انها تتحدث عن حدود مسئولية الناقلين التاليين في مواجهة الناقل الأول، حيث تتحدد مسؤولية الناقل التالي في مواجهة الناقل الأول في حدود الضرر الذي يقع في الجزء الخاص به عن النقل، فاذا استحال تعيين الجزء الذي وقع فيه الضرر وجب توزيع التعويض بين جميع الناقلين بنسبة ما يستحقه كل منهم من أجرة النقل، وإذا أعسر أحدهم وزعت حصته على الآخرين بالنسبة ذاتها.
وجدير بالذكر ان ثمة دعوى سادسة من الدعاوى التي قد تقام على الناقل البري لم تعالجها المادة 321 وعالجتها المادة 322 بقولها:
“لا يجوز أن يتمسك بعدم السماع المنصوص عليه في المادة السابقة من صدر منه أو من تابعيه غش أو خطأ جسيم.”
ومعني ذلك ان الدعوى التي تقام على الناقل البري الذي يصدر منه أو من تابعيه غش أو خطأ جسيم سواء كان النقل داخليا او خارجيا وسواء تعلق الامر بتأخر في التسليم او تلف او هلاك جزئي او كلي للأشياء، لا تكون مدة عدم سماعها أي من المدد المنصوص عليها في المادة 321.
وفي رأينا ان مدة عدم سماع الدعوى في هذه الحالة تكون خمسة عشر سنة رجوعا الى مدة عدم السماع المنصوص عليها بالمادة 473 من قانون المعاملات المدنية باعتبارها الشريعة العامة التي يُرجع إليها فيما لم يرد بشأنه نص خاص، وتبدأ في رأينا من تاريخ تحقق التأخر في التسليم او التلف او الهلاك الكلي او الجزئي استئناسا بالمادة 478 من قانون المعاملات المدنية.
وجدير بالذكر ان المادة 281 من قانون المعاملات التجارية قد تولت بنفسها تعريف الغش والخطأ الجسيم دون ان تتركه لاجتهاد أحد وذلك بقولها:
“1 – يقصد بالغش في تنفيذ عقد النقل كل فعل أو امتناع عن فعل يقع من الناقل أو من تابعيه بقصد احداث ضرر.
2 – ويقصد بالخطأ الجسيم كل فعل أو امتناع عن فعل يقع من الناقل أو من تابعيه برعونة مقرونة بادراك لما قد ينجم عن ذلك من ضرر.”
المحامي / محمد المرزوقي
مكتب محمد المرزوقي للمحاماة والاستشارات القانونية
دبي – ابوظبي – الامارات