
الأخطاء الطبية – ضرورة تمسك المحامي بدفاعه حتى النهاية
الأخطاء الطبية – ضرورة تمسك المحامي بدفاعه حتى النهاية
الأخطاء الطبية – ضرورة تمسك المحامي بدفاعه حتى النهاية
في قضايا الأخطاء الطبية، يتحمل المحامي مسؤولية جسيمة تتجاوز مجرد تقديم الدفاع الأولي، لتشمل التمسك الكامل والمستمر بجميع دفوعه القانونية حتى آخر مراحل التقاضي. فالمحامي لا يمثل فقط صوت المريض المتضرر، بل هو الحصن القانوني الذي يحمي حقوقه من الضياع وسط تعقيدات الإجراءات القضائية. إن أي تهاون أو إغفال في عرض الدفاع أو في تأكيده قد يؤدي إلى نتائج كارثية، أبرزها ضياع الحق في التعويض أو حتى رفض الدعوى بالكامل.
أهمية الدفاع في جميع مراحل الدعوى
من الخطأ الاعتقاد أن الدفاع ينتهي بمجرد تقديمه أمام محكمة الدرجة الأولى. فالمحامي مطالب بالتمسك بدفوعه في كل مرحلة من مراحل التقاضي، بما في ذلك مرحلة الاستئناف، التي تُعد فرصة ذهبية لإعادة عرض القضية أمام هيئة قضائية أعلى. إن الدفاع الذي تم تقديمه في البداية يجب أن يُعاد تأكيده وتوضيحه، بل وتوسيعه إن لزم الأمر، لضمان عدم تجاهله أو إسقاطه بحجة عدم التمسك به.
مرحلة الاستئناف: فرصة لإعادة بناء القضية
تُعد مرحلة الاستئناف من أهم مراحل التقاضي في قضايا الأخطاء الطبية، حيث تتيح للمحامي إعادة عرض القضية من جديد أمام محكمة الموضوع. وهنا يأتي دور “الأثر الناقل للاستئناف”، الذي يعني أن كل ما تم طرحه أمام محكمة الدرجة الأولى يُعتبر مطروحًا أيضًا أمام محكمة الاستئناف. لكن هذا لا يعني أن المحامي يمكنه التراخي، بل عليه أن يُعيد إثارة دفوعه بشكل واضح ومباشر، ويؤكد عليها بالأدلة والمستندات.
الأثر الناقل للاستئناف: حجر الزاوية في التقاضي
الأثر الناقل للاستئناف ليس مجرد قاعدة إجرائية، بل هو ضمانة قانونية لعدالة التقاضي. فهو يسمح للمتقاضي بعرض قضيته كاملة أمام جميع درجات التقاضي، ويمنح محكمة الاستئناف صلاحية النظر في الموضوع من جديد، بما يشمل إعادة تقييم الأدلة، والدفوع، وحتى تقدير التعويض. فمحكمة الاستئناف ليست محكمة شكلية، بل هي محكمة موضوع لها سلطة تقديرية كاملة، شأنها شأن محكمة الدرجة الأولى.
تقدير التعويض: سلطة المحكمة وتقدير الضرر
من أبرز مظاهر سلطة محكمة الاستئناف أنها تستطيع تعديل مبلغ التعويض الذي قدرته محكمة الدرجة الأولى، سواء بالزيادة أو النقصان، وذلك بناءً على ظروف القضية وما ورد في التقارير الطبية المعتمدة. فالمسائل الطبية تُعد مسائل فنية بحتة، وتحتاج إلى خبرة طبية متخصصة، لذا تعتمد المحاكم على التقارير الطبية لتحديد حجم الضرر ونسبة العجز، وصولًا إلى تقدير التعويض المناسب.
التقارير الطبية: الأساس الفني لتقدير الأضرار
التقارير الطبية المعتمدة تُعد الركيزة الأساسية التي تستند إليها المحكمة في تقييم الأضرار الناتجة عن الخطأ الطبي. فهي التي تحدد طبيعة الإصابة، ومدى تأثيرها على حياة المريض، ونسبة العجز الناتجة عنها. ومن دون هذه التقارير، يصبح من الصعب إثبات الضرر، وبالتالي يصبح التعويض منعدمًا. لذا يجب على المحامي أن يحرص على تقديم تقارير طبية دقيقة ومعتمدة، وأن يربطها بشكل مباشر بالدفوع القانونية التي يقدمها.
يقظة المحامي وتمسكه بالدفاع: ضمانة لحقوق المريض
الدفاع عن حقوق ضحايا الأخطاء الطبية يتطلب من المحامي يقظة مستمرة، وتمسكًا لا يتزعزع بكل دفوعه ومستنداته. فكل دليل، وكل حجة، يجب أن تُعرض وتُؤكد في كل مرحلة من مراحل التقاضي، لضمان عدم ضياع الحقوق بسبب غموض أو نقص في العرض. إن المحامي الذي يتعامل مع القضية بجدية، ويحرص على التمسك بدفوعه حتى النهاية، هو الذي يضمن لموكله فرصة حقيقية في الحصول على العدالة والتعويض المناسب.
خاتمة: الدفاع القوي هو الطريق إلى العدالة
في نهاية المطاف، فإن قضايا الأخطاء الطبية ليست مجرد نزاعات قانونية، بل هي معارك من أجل العدالة والكرامة الإنسانية. والمحامي هو من يقود هذه المعركة، بسلاح القانون، وبدروع الأدلة، وبإصرار لا يلين على التمسك بحقوق موكله. إن الدفاع القوي، المستمر، والمبني على أسس قانونية وطبية سليمة، هو الطريق الوحيد لضمان حصول المريض المتضرر على حقه الكامل، ولمنع تكرار الأخطاء الطبية التي قد تُهدد حياة الآخرين.
المحامي / محمد المرزوقي
مكتب محمد المرزوقي للمحاماة والاستشارات القانونية
دبي – ابوظبي – الامارات

“الأخطاء الطبية – ضرورة تمسك المحامي بدفاعه حتى النهاية”