التعويض عن الخطأ الطبي
التعويض عن الخطأ الطبي
تعد المسؤولية المدنية من اكثر موضوعات القانون المدني أهمية ، وذلك كون الضرر يمثل الشرارة الأولى لقيام المسؤولية سواء كانت عقدية ام تقصيرية ، حيث تنشأ المسؤولية التقصيرية عن الاخلال بالتزام غير عقدي يوجب على مرتكبه تعويض الغير عن الضرر الذي أصابه. وفي حال ثبوت اركان مسؤولية الكادر الطبي فيكون مسؤولاً مسؤولية شخصية في ذمته المالية الخاصة عن كل ضرر سببه للمريض نتيجة الخطأ في مجال مهنته ، وفي حال حدوث خلاف بين الكادر الطبي والمريض في استحقاق المريض للتعويض ، فإن على المريض اللجوء الى المحاكم المختصة لإقامة الدعوى ضد الكادر الطبي يطالب فيها بالتعويض المناسب عن الضرر الذي أصابه كأي دعوى مدنية أخرى.
والأصل في التعويض ان يكون عينياً ، أي التزام المسؤول بإعادة الحال الى ما كان عليه قبل وقوع الفعل الضار ، وعلى القاضي ان يحكم به بناء على طلب المريض ، إذا كان ممكنا ولا يسبب ارهاقاً للكادر الطبي ، وغالباً ما يكون هنالك استحالة للحكم بالتعويض العيني في دعاوى المسؤولية الطبية ، لذلك يتم اللجوء الى التعويض النقدي ، ذلك أ، الضرر المعنوي يمكن تعويضه بالنقد ، ويشترط ان يكون هذا التعويض مساوياً للضرر الواقع فعلاً ، فلا يزيد او ينقص عنه. ويقدر التعويض بما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب مع الإشارة الى أن المشرع الإماراتي لا يقرا التعويض عن الربح الفائت في نطاق المسؤولية العقدية على ان يتم مراعاة الظروف الملابسة للضرورة عند تقدير التعويض خصوصاً الحالة الصحية والجسدية.
وقد عرف الفقه التعويض بأنه “الالتزام بتعويض الغير عما لحقه من تلف المال أو ضياع المنافع أو عن الضرر الجزئي أو الكلي الحادث بالنفس الإنسانية” وعليه وحيث ان الخطأ الطبي ينتج عنه ضرر جزئي او كلي يصيب جسد المريض ، فأصبح مستوجب للتعويض في حال توافر الشروط المحددة قانوناً ، والتعويض هنا يكون بسداد قيمة مالية تتوازى مع نتائج الضرر الحادث بجسد المضرور ، أو بتعويض عيني كأن يلزم الطب لإعادة الأمر لما كان عليه ، وبالمفهوم الطبي استكمال علاج المريض على نفقة الكادر الطبي او المنشأة الطبية لمعالجته من اثار الخطأ الطبي إن امكن ذلك او تخفيف تلك الآثار قدر الإمكان ، وتقوم المحكمة بتقدير القيمة المالية للتعويض بناء على تقرير اللجنة الطبي التي قامت بفحص حالة المريض ومدى ما تعرض له من ضرر وبيان العلاقة السببية بين الخطأ الطبي والضرر.
والتعويض يرتبط بمدى جسامة الخطأ الطبي وجسامة الضرر الواقع على المريض وظروف التشديد او التخفيف ، ويأتي القضاء بالتعويض كوسيلة لإزالة او تخفيف الضرر وهو الجزاء العام عن قيام المسؤولية المدنية وهو ليس عقاباً عن الفعل الضار إذا ما ثبت مسؤولية المدعى عليه عما لحق المدعي من الضرر ، فيتعين على القاضي الزام المسؤول بما يعوض المضرور ويجبر الضرر الذي لحق به وكما نصت على ذلك المادة (282) المعاملات المدنية الاماراتي “كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر”.
ولغاية تقدير قيمة التعويض يجب ان يتم تحديد نوع الضرر المطلوب التعويض عنه وما مداه وسببه ، وإذا كان ناشئاً في اطار المسؤولية العقدية أو التقصيرية ، في الحالة الأولى يقتصر التعويض على الضرر المباشر والذي نتج عن الخطأ الذي ارتكبه الكادر الطبي دون كون المريض سبباً به ، وهذا لأن الضرر المباشر هو المحتفظ بعلاقة السببية بين الخطأ والضرر لغرض الاثبات في القانون.
اما لو كان الضرر ناتجاً عن مسؤولية تقصيرية ، حينها يتسع نطاق التعويض إذ يضم الاضرار المباشرة وغير المباشرة ، ومهما يكن من امر فإن تقدير التعويض يبقى خاضعاً لسلطة القاضي التقديرية وفق ما يميله عليه اقتناعه وضميره وحسب واقع الحال كل على حده. والتعويض بأي حال يتكفل بعلاج المريض المتضرر في حال بقى على قيد الحياة او استيفاء الدية لورثته في حال وفاته ، او تعويض المريض المتضرر نفسه عن ما يفوته.
المحامي / محمد المرزوقي
مكتب محمد المرزوقي للمحاماة والاستشارات القانونية
دبي – ابوظبي – الامارات